قالالإمام أحمد :حدثنايحيى،ومحمد بن جعفر، حدثناعوف، حدثنيقسامة بن زهير، عنأبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :إن الله خلقآدممن قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنوآدمعلى قدر الأرض ; فجاء منهم الأبيض ، والأحمر ، والأسود ، وبين ذلك ، والخبيث ، والطيب ، والسهل ، والحزن ، وبين ذلك .
ورواه أيضا عنهوذة، عنعوف، عنقسامة بن زهيرسمعتالأشعريقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن الله خلقآدممن قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنوآدمعلى قدر الأرض ; فجاء منهم الأبيض ، والأحمر ، والأسود ، وبين ذلك ، والسهل ، والحزن ، وبين ذلك ، والخبيث ، والطيب ، وبين ذلك .وكذا رواهأبو داود،والترمذي،وابن حبانفي صحيحه من حديثعوف بن أبي جميلة الأعرابي، عنقسامة بن زهير المازني البصري، عنأبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . وقالالترمذي :حسن صحيح .
وقد ذكرالسدي، عنأبي مالك،وأبي صالح، عنابن عباس، وعنمرة، عنابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا :فبعث الله عز وجلجبريلفي الأرض ليأتيه بطين منها ، فقالت الأرض : أعوذ [ ص: 201 ]بالله منك أن تنقص مني أو تشينني . فرجع ولم يأخذ . وقال : رب إنها عاذت بك فأعذتها . فبعثميكائيل، فعاذت منه ، فأعاذها ، فرجع ، فقال كما قالجبريل .فبعث ملك الموت ، فعاذت منه ، فقال : وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره ، فأخذ من وجه الأرض وخلطه ، ولم يأخذ من مكان واحد ، وأخذ من تربة بيضاء ، وحمراء ، وسوداء ، فلذلك خرج بنوآدممختلفين ، فصعد به فبل التراب حتى عاد طينا لازبا ، واللازب : هو الذي يلزق بعضه ببعض ، ثم قال للملائكة :إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين [ص : 71 - 72 ] . فخلقه الله بيده لئلا يتكبر إبليس عنه فخلقه بشرا فكان جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة ، فمرت به الملائكة ففزعوا منه لما رأوه ، وكان أشدهم منه فزعا إبليس ، فكان يمر به فيضربه فيصوت الجسد ، كما يصوت الفخار يكون له صلصلة ، فلذلك حين يقول :من صلصال كالفخار [الرحمن : 14 ] . ويقول : لأمر ما خلقت ، ودخل من فيه وخرج من دبره . وقال للملائكة : لا ترهبوا من هذا فإن ربكم صمد ، وهذا أجوف لئن سلطت عليه لأهلكنه . فلما بلغ الحين الذي يريد الله عز وجل أن ينفخ فيه الروح قال للملائكة : إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له ، فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح في رأسه عطس ، فقالت الملائكة : قل الحمد لله . فقال : الحمد لله . فقال له الله : رحمك ربك . فلما دخلت الروح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة ، فلما دخلت الروح في جوفه اشتهى الطعام فوثب قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلان إلى ثمار الجنة ، وذلك حين يقول الله تعالى :خلق الإنسان من عجل [الأنبياء : 37 ] .فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين [الحجر : 30 ] . [ ص: 202 ]وذكر تمام القصة .
ولبعض هذا السياق شاهد من الأحاديث ، وإن كان كثير منه متلقى من الإسرائيليات ، فقالالإمام أحمد :حدثناعبد الصمد، حدثناحماد، عنثابت، عنأنسأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :لما خلق اللهآدمتركه ما شاء أن يدعه ، فجعل إبليس يطيف به فلما رآه أجوف عرف أنه خلق لا يتمالك .وقالابن حبانفي صحيحه ، حدثناالحسن بن سفيان، حدثناهدبة بن خالد، حدثناحماد بن سلمة، عنثابت، عنأنس بن مالكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :لما نفخ فيآدمفبلغ الروح رأسه عطس ، فقال : الحمد لله رب العالمين . فقال له تبارك وتعالى : يرحمك الله .
وقالالحافظ أبو بكر البزار :حدثنايحيى بن محمد بن السكن، حدثناحبان بن هلال، حدثنامبارك بن فضالة، عنعبيد الله، عنحبيب، عنحفص هو ابن عاصم بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب، عنأبي هريرةرفعه قال :لما خلق اللهآدمعطس فقال : الحمد لله فقال له ربه : رحمك ربك ياآدم .وهذا الإسناد لا بأس به . ولم يخرجوه .وقالعمر بن عبد العزيز :لما أمرت الملائكة بالسجود كان أول من سجد منهمإسرافيل، فأثابه الله أن كتب القرآن في جبهته .رواهابن عساكر .
[ ص: 203 ]وقالالحافظ أبو يعلى، حدثناعقبة بن مكرم، حدثناعمرو بن محمد، عنإسماعيل بن رافع، عنالمقبري، عنأبي هريرةأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :إن الله خلقآدممن تراب ، ثم جعله طينا ، ثم تركه حتى إذا كان حمأ مسنونا خلقه الله وصوره ، ثم تركه حتى إذا كان صلصالا كالفخار قال : فكان إبليس يمر به فيقول : لقد خلقت لأمر عظيم . ثم نفخ الله فيه من روحه فكان أول ما جرى فيه الروح بصره وخياشيمه فعطس ، فلقاه الله رحمة ربه فقال الله : يرحمك ربك . ثم قال الله : ياآدماذهب إلى هؤلاء النفر فقل لهم ، فانظر ماذا يقولون ، فجاء فسلم عليهم ، فقالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته . فقال : ياآدمهذا تحيتك وتحية ذريتك . قال : يا رب وما ذريتي . قال : اختر يدي ياآدم .قال : اختار يمين ربي ، وكلتا يدي ربي يمين . وبسط كفه فإذا من هو كائن من ذريته في كف الرحمن ، فإذا رجال منهم أفواههم النور فإذا رجل يعجبآدمنوره قال : يا رب من هذا؟ . قال : ابنكداود .قال : يا رب فكم جعلت له من العمر . قال : جعلت له ستين . قال : يا رب فأتم له من عمري حتى يكون له من العمر مائة سنة . ففعل الله ذلك ، وأشهد على ذلك فلما نفد عمرآدم، بعث الله ملك الموت ، فقالآدم :أولم يبق من عمري أربعون سنة . قال له الملك : أولم تعطها ابنكداود .فجحد ذلك فجحدت ذريته ، ونسي فنسيت ذريته .وقد رواهالحافظ أبو بكر البزار،والترمذي،والنسائيفي اليوم والليلة من حديثصفوان بن عيسى، عنالحارث بن [ ص: 204 ]عبد الرحمن بن أبي ذباب، عنسعيد المقبري، عنأبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقالالترمذي :حديث حسن غريب من هذا الوجه . وقالالنسائي :هذا حديث منكر . وقد رواهمحمد بن عجلان، عنسعيد المقبري، عن أبيه ، عنعبد الله بن سلامقوله .
وقد رواهأبو حاتم،وابن حبانفي صحيحه فقال : حدثنامحمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنامحمد بن بشار، حدثناصفوان بن عيسى، حدثناالحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عنسعيد المقبري، عنأبي هريرةقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :لما خلق اللهآدمونفخ فيه الروح عطس فقال : الحمد لله . فحمد الله بإذن الله . فقال له ربه : يرحمك ربك ياآدم، اذهب إلى أولئك الملائكة إلى ملأ منهم جلوس فسلم عليهم فقال : السلام عليكم . فقالوا : وعليكم السلام ورحمة الله ، ثم رجع إلى ربه ، فقال : هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم . وقال الله ويداه مقبوضتان : اختر أيهما شئت . فقال : اخترت يمين ربي ، وكلتا يدي ربي يمين مباركة ، ثم بسطهما فإذا فيهماآدموذريته فقال : أي رب ما هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك . وإذا كل إنسان منهم مكتوب عمره بين عينيه ، وإذا فيهم رجل أضوؤهم أو من أضوئهم لم يكتب له إلا أربعون سنة ، قال : يا رب ما هذا ؟ قال : هذا ابنكداود .وقد كتب الله عمره أربعين سنة ، قال : أي رب زد في عمره . فقال : ذاك الذي كتب [ ص: 205 ]له . قال : فإني قد جعلت له من عمري ستين سنة . قال : أنت وذاك ، اسكن الجنة . فسكن الجنة ما شاء الله ، ثم هبط منها ، وكانآدميعد لنفسه ، فأتاه ملك الموت ، فقال لهآدم :قد عجلت قد كتب لي ألف سنة . قال : بلى ، ولكنك جعلت لابنكداودمنها ستين سنة . فجحدآدمفجحدت ذريته ، ونسي فنسيت ذريته ، فيومئذ أمر بالكتاب والشهود .هذا لفظه .
وقالالترمذي :حدثناعبد بن حميد، حدثناأبو نعيم، حدثناهشام بن سعد، عنزيد بن أسلم، عنأبي صالح، عنأبي هريرةقال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :لما خلق اللهآدممسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة ، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور ، ثم عرضهم علىآدمفقال : أي رب من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك . فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه فقال : أي رب من هذا ؟ قال : هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له :داود .قال : رب وكم جعلت عمره ؟ قال : ستين سنة . قال : أي رب زده من عمري أربعين سنة . فلما انقضى عمرآدمجاءه ملك الموت ، قال : أولم يبق من عمري أربعون سنة ؟ قال : أولم تعطها ابنكداود !قال : فجحد فجحدت ذريته ، ونسيآدمفنسيت ذريته ، وخطئآدمفخطئت ذريته .ثم قالالترمذي :حسن صحيح ، وقد روي من غير وجه ، عنأبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم . ورواهالحاكمفي مستدركه من حديثأبي نعيم الفضل بن دكين .وقال صحيح على شرطمسلم، ولم يخرجاه . وروىابن أبي حاتممن حديثعبد الرحمن بن زيد بن [ ص: 206 ]أسلم، عن أبيه ، عنعطاء بن يسار، عنأبي هريرةمرفوعا فذكره ، وفيه :ثم عرضهم علىآدم، فقال : ياآدمهؤلاء ذريتك ، وإذا فيهم الأجذم ، والأبرص ، والأعمى ، وأنواع الأسقام ، فقالآدم :يا رب لم فعلت هذا بذريتي . قال : كي تشكر نعمتي .ثم ذكر قصةداود، وستأتي من روايةابن عباسأيضا .
وقالالإمام أحمدفي مسنده : حدثناالهيثم بن خارجة، حدثناأبو الربيع، عنيونس بن ميسرة، عنأبي إدريس، عنأبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :خلق اللهآدمحين خلقه فضرب كتفه اليمنى فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الدر ، وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم ، فقال للذي في يمينه : إلى الجنة ولا أبالي . وقال للذي في كتفه اليسرى : إلى النار ولا أبالي .
وقالابن أبي الدنيا :حدثناخلف بن هشام، حدثناالحكم بن سنان، عنحوشب،عنالحسنقال : خلق اللهآدمحين خلقه ، فأخرج أهل الجنة من صفحته اليمنى ، وأخرج أهل النار من صفحته اليسرى ، فألقوا على وجه الأرض منهم الأعمى ، والأصم ، والمبتلى ، فقالآدم :يا رب ألا سويت بين ولدي . قال : ياآدمإني أردت أن أشكر .وهكذا روىعبد الرزاق، عنمعمر، عنقتادة، عنالحسنبنحوه .
وقد قالالبخاري :حدثناعبد الله بن محمد، حدثناعبد الرزاق [ ص: 207 ]أخبرنامعمر، عنهمام بن منبه، عنأبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :خلق اللهآدموطوله ستون ذراعا، ثم قال : اذهب فسلم على أولئك من الملائكة ، فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك فقال : السلام عليكم . فقالوا : السلام عليك ورحمة الله ، فزادوه " ورحمة الله " فكل من يدخل الجنة على صورةآدم، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن .وهكذا رواهالبخاريفي كتاب الاستئذان عنيحيى بن جعفر،ومسلم، عنمحمد بن رافعكلاهما عنعبد الرزاقبه .
وقالالإمام أحمد :حدثناروح، حدثناحماد بن سلمة، عنعلي بن زيد، عنسعيد بن المسيب، عنأبي هريرةأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :كان طولآدمستين ذراعا في سبع أذرع عرضا .انفرد بهأحمد .
وقالالإمام أحمد :حدثناعفان، حدثناحماد بن سلمة، عنعلي بن زيد، عنيوسف بن مهران، عنابن عباسقال : لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أول من جحدآدمإن أول من جحدآدم، إن أول من جحدآدم، إن الله لما خلقآدمومسح ظهره فأخرج منه ما هو ذارئ إلى يوم القيامة ، فجعل يعرض ذريته عليه ، فرأى فيهم رجلا يزهر ، قال : أي رب من هذا ؟ قال : هذا ابنكداود .قال : أي رب كم عمره ؟ قال : [ ص: 208 ]ستون عاما . قال : أي رب زد في عمره . قال : لا إلا أن أزيده من عمرك . وكان عمرآدمألف عام فزاده أربعين عاما ، فكتب الله عليه بذلك كتابا ، وأشهد عليه الملائكة ، فلما احتضرآدمأتته الملائكة لتقبضه ، قال : إنه قد بقي من عمري أربعون عاما . فقيل له : إنك قد وهبتها لابنكداود .قال : ما فعلت . وأبرز الله عليه الكتاب ، وشهدت عليه الملائكة .
وقالأحمد :حدثناأسود بن عامر، حدثناحماد بن سلمة، عنعلي بن زيد، عنيوسف بن مهران، عنابن عباسقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن أول من جحدآدمقالها ثلاث مرات إن الله عز وجل لما خلقه مسح ظهره فأخرج ذريته فعرضهم عليه فرأى فيهم رجلا يزهر ، فقال : أي رب زد في عمره . قال : لا إلا أن تزيده أنت من عمرك . فزاده أربعين سنة من عمره فكتب الله تعالى عليه كتابا وأشهد عليه الملائكة ، فلما أراد أن يقبض روحه ، قال : إنه بقي من أجلي أربعون سنة . فقيل له : إنك قد جعلتها لابنكداود .قال : فجحد . قال : فأخرج الله الكتاب ، وأقام عليه البينة فأتمهالداودمائة سنة ، وأتملآدمعمره ألف سنة .تفرد بهأحمد .وعلي بن زيدفي حديثه نكارة . ورواهالطبراني، عنعلي بن عبد العزيز، عنحجاج بن منهال، عنحماد بن سلمة، عنعلي بن زيد، عنيوسف بن مهران، عنابن عباس، وغير واحد ، عنالحسنقال : لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن أول من جحدآدم .ثلاثا . وذكره .
[ ص: 209 ]وقال الإماممالك بن أنسفي موطئه ، عنزيد بن أبي أنيسة، أنعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطابأخبره عنمسلم بن يسار الجهني،أنعمر بن الخطابسئل عن هذه الآية :وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى [الأعراف : 172 ] . الآية فقال عمر بن الخطاب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنها فقال : إن اللهخلقآدمعليه السلام ، ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية ، قال : خلقت هؤلاء للجنة ، وبعمل أهل الجنة يعملون . ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية ، قال : خلقت هؤلاء للنار ، وبعمل أهل النار يعملون . فقال رجل : يا رسول الله ففيم العمل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا خلق الله العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخل به الجنة ، وإذا خلق الله العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخل به النار .
وهكذا رواهالإمام أحمد،وأبو داود،والترمذي،والنسائي، وابن جرير،وابن أبي حاتم،وأبو حاتم بن حبانفي صحيحه من طرق ، عنالإمام مالكبه . وقالالترمذي :هذا حديث حسن .ومسلم بن يسارلم يسمععمر .وكذا قالأبو حاتم،وأبو زرعةزادأبو حاتم :وبينهمانعيم بن ربيعة .وقد رواهأبو داود، عنمحمد بن مصفى، عنبقية، عنعمر بن جعثم، عنزيد بن أبي أنيسة، عن [ ص: 210 ]عبدالحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عنمسلم بن يسار، عننعيم بن ربيعةقال : كنت عندعمر بن الخطابوقد سئل عن هذه الآية فذكر الحديث . قالالحافظ الدارقطني :وقد تابععمر بن جعثمأبو فروة يزيد بن سنان الرهاوي، عنزيد بن أبي أنيسةقال : وقولهما أولى بالصواب من قولمالكرحمه الله .
وهذه الأحاديث كلها دالة علىاستخراجه تعالى ذريةآدممن ظهره كالذر، وقسمتهم قسمين ; أهل اليمين ، وأهل الشمال . وقال : هؤلاء للجنة ولا أبالي ، وهؤلاء للنار ولا أبالي . فأما الإشهاد عليهم ، واستنطاقهم بالإقرار بالوحدانية فلم يجئ في الأحاديث الثابتة ، وتفسير الآية التي في سورة الأعراف ، وحملها على هذا فيه نظر ، كما بيناه هناك ، وذكرنا الأحاديث والآثار مستقصاة بأسانيدها وألفاظ متونها فمن أراد تحريره فليراجعه ثم ، والله أعلم .
فأما الحديث الذي رواهأحمد، حدثناحسين بن محمد، حدثناجرير يعني ابن حازم، عنكلثوم بن جبر، عنسعيد بن جبير، عنابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :إن الله أخذ الميثاق من ظهرآدمعليه السلام بنعمان يومعرفةفأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرها [ ص: 211 ]بين يديه ، ثم كلمهم قبلا ، قال :ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إلى قوله : المبطلون .فهو بإسناد جيد قوي على شرطمسلمرواهالنسائي، وابن جرير،والحاكمفي مستدركه من حديثحسين بن محمد المروزيبه . وقالالحاكم :صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، إلا أنه اختلف فيه علىكلثوم بن جبر ;فروى عنه مرفوعا ، وموقوفا . وكذا روى عنسعيد بن جبير، عنابن عباسمرفوعا . وهكذا رواهالعوفي،والوالبي،والضحاك،وأبو جمرة، عنابن عباسقوله . وهذا أكثر وأثبت ، والله أعلم . وهكذا روى عنعبد الله بن عمروموقوفا ومرفوعا . والموقوف أصح .
واستأنس القائلون بهذا القول ; وهوأخذ الميثاق على الذريةوهم الجمهور بما قالالإمام أحمد :حدثناحجاج، حدثنيشعبة، عنأبي عمران الجوني، عنأنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة : لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا به . قال : فيقول : نعم . فيقول : قد أردت منك ما هو أهون من ذلك ، قد أخذت عليك في ظهرآدمأن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك [ ص: 212 ]بي .أخرجاه من حديثشعبةبه .
وقالأبو جعفر الرازي :عنالربيع بن أنس، عنأبي العالية،عنأبي بن كعبفي قوله تعالى :وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم .الآية والتي بعدها قال : فجمعهم له يومئذ جميعا ما هو كائن منه إلى يوم القيامة فخلقهم ، ثم صورهم ، ثم استنطقهم فتكلموا ، وأخذ عليهم العهد والميثاق ، وأشهد عليهم أنفسهم : ألست بربكم قالوا بلى . الآية قال : فإني أشهد عليكم السماوات السبع والأرضين السبع ، وأشهد عليكم أباكمآدم، أن لا تقولوا يوم القيامة : لم نعلم بهذا . اعلموا أنه لا إله غيري ، ولا رب غيري ، ولا تشركوا بي شيئا ، وإني سأرسل إليكم رسلا ينذرونكم عهدي وميثاقي ، وأنزل عليكم كتابي . قالوا : نشهد أنك ربنا ، وإلهنا لا رب لنا غيرك ، ولا إله لنا غيرك . فأقروا له يومئذ بالطاعة ، ورفع أباهمآدمفنظر إليهم ، فرأى فيهم الغني والفقير ، وحسن الصورة ودون ذلك ، فقال : يا رب لو سويت بين عبادك . فقال : إني أحببت أن أشكر ، ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج عليهم النور ، وخصوا بميثاق آخر من الرسالة والنبوة فهو الذي يقول الله تعالى :وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا [الأحزاب : 7 ] . وهو الذي يقول :فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله [الروم : 30 ] . وفي ذلك قال :هذا نذير من النذر الأولى [النجم : 56 ] . وفي ذلك قال :وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين [الأعراف : 102 ] . رواه الأئمة ;عبد الله بن أحمد،وابن أبي حاتم، وابن جرير،وابن مردويهفي تفاسيرهم من طريق [ ص: 213 ]أبي جعفر .وروى عنمجاهد،وعكرمة،وسعيد بن جبير،والحسن البصري،وقتادة،والسدي، وغير واحد من علماء السلف بسياقات توافق هذه الأحاديث . وتقدم أنه تعالى لما أمر الملائكة بالسجودلآدمامتثلوا كلهم الأمر الإلهي ، وامتنع إبليس من السجود له حسدا ، وعداوة له فطرده الله وأبعده ، وأخرجه من الحضرة الإلهية ونفاه عنها ، وأهبطه إلى الأرض طريدا ملعونا شيطانا رجيما .
وقد قالالإمام أحمد :حدثناوكيع،ويعلى،ومحمدابناعبيدقالوا : حدثناالأعمش، عنأبي صالح، عنأبي هريرةقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إذا قرأ ابنآدمالسجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول : يا ويله أمر ابنآدمبالسجود فسجد فله الجنة ، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار .ورواهمسلممن حديثوكيع،وأبي معاوية، عنالأعمشبه .
ثم لما أسكنآدمالجنة التي أسكنها سواء كانت في السماء أو في الأرض على ما تقدم من الخلاف فيه أقام بها هو وزوجتهحواءعليهما السلام يأكلان منها رغدا حيث شاءا ، فلما أكلا من الشجرة التي نهيا عنها سلبا ما كانا فيه من اللباس ، وأهبطا إلى الأرض ، وقد ذكرنا الاختلاف في مواضع [ ص: 214 ]هبوطه منها ، واختلفوا فيمقدار مقامه في الجنة ;فقيل : بعض يوم من أيام الدنيا . وقد قدمنا ما رواهمسلم، عنأبي هريرةمرفوعاوخلقآدمفي آخر ساعة من ساعات يوم الجمعة .وتقدم أيضا حديثه عنه :وفيه يعنييوم الجمعة خلقآدم، وفيه أخرج منها .فإن كان اليوم الذي خلق فيه ، فيه أخرج ، وقلنا : إن الأيام الستة كهذه الأيام ، فقد لبث بعض يوم من هذه . وفي هذا نظر . وإن كان إخراجه في غير اليوم الذي خلق فيه أو قلنا : بأن تلك الأيام مقدارها ستة آلاف سنة ، كما تقدم عنابن عباس،ومجاهد،والضحاك، واختارهابن جرير، فقد لبث هناك مدة طويلة . قالابن جرير :ومعلوم أنه خلق في آخر ساعة من يوم الجمعة ، والساعة منه ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر ، فمكث مصورا طينا قبل أن ينفخ فيه الروح أربعين سنة ، وأقام في الجنة قبل أن يهبط ثلاثا وأربعين سنة وأربعة أشهر ، والله تعالى أعلم .
وقد روىعبد الرزاق، عنهشام بن حسان، عنسوارخبرعطاء بن أبي رباح، أنه كان لما أهبط ، رجلاه في الأرض ورأسه في السماء فحطه الله إلى ستين ذراعا .وقد روي عنابن عباسنحوه . وفي هذا نظر ; لما تقدم من الحديث المتفق على صحته عنأبي هريرةأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعا ، [ ص: 215 ]فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن ، وهذا يقتضي أنه خلق كذلك لا أطول من ستين ذراعا ، وأن ذريته لم يزالوا يتناقص خلقهم حتى الآن .
وذكرابن جرير،عنابن عباسإن الله قال : ياآدمإن لي حرما بحيال عرشي ، فانطلق فابن لي فيه بيتا فطف به . كما تطوف ملائكتي بعرشي . وأرسل الله له ملكا فعرفه مكانه ، وعلمه المناسك، وذكر أن موضع كل خطوة خطاهاآدمصارت قرية بعد ذلك .
وعنه أنأول طعام أكلهآدمفي الأرضأن جاءهجبريلبسبع حبات من حنطة فقال : ما هذا ؟ قال : هذا من الشجرة التي نهيت عنها فأكلت منها . فقال : وما أصنع بهذا ؟قال : ابذره في الأرض . فبذره ، وكان كل حبة منها زنتها أزيد من مائة ألف ، فنبتت ، فحصده ، ثم درسه ، ثم ذراه ، ثم طحنه ، ثم عجنه ، ثم خبزه ، فأكله بعد جهد عظيم ، وتعب ، ونكد . وذلك قوله تعالىفلا يخرجنكما من الجنة فتشقى [طه : 117 ] . وكان أول كسوتهما من شعر الضأن جزاه ، ثم غزلاه فنسجآدمله جبة ،ولحواءدرعا وخمارا .
واختلفواهل ولد لهما بالجنة شيء من الأولاد ؟فقيل : لم يولد لهما إلا في الأرض . وقيل : بل ولد لهما فيها . فكانقابيلوأخته ممن ولد بها ، والله أعلم .
وذكروا أنه كان يولد له في كل بطن ذكر وأنثى ، وأمر أن يزوج كل ابن أخت أخيه التي ولدت معه ، والآخر بالأخرى ، وهلم جرا ، ولم يكن تحل أخت لأخيها الذي ، ولدت معه