كانت آثار الشجاعة والقوة باديةً على جبينه (صلى الله عليه وآله وسلم) منذ طفولته وصباه، ففي الخامسة عشرة من عمره قيل انّه شارك في حرب الفجّار بين قريش و هوازن، وهي حرب الفجّار الرابعة التي استمرّت أربع سنوات، كان يناول فيها أعمامه النبال. وتكشف مشاركته في تلك العمليات العسكرية وهو في تلك السن، عن شجاعته وقدرته الروحية الكبرى، ولهذا كان المسلمون ـ فيما بعد ـ يحتمون بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند اشتداد المعركة.
وفي مقابل هذا روى الموَرخ اليعقوبي (المتوفّى290هـ) في تاريخه:
وقد روي أنّ أبا طالب منع أن يكون فيها أحدٌ من بني هاشم. وقال هذا ظلم وعدوان وقطيعة واستحلال للشهر الحرام ولا أحضره ولا أحدٌ من أهلي. فأخرج الزبير بن عبد المطلب متكرهاً وقال عبد اللّه بن جدعان التيمي وحرب ابن أُميّة: لا نحضر أمراً تغيب عنه بنوهاشم فخرج الزبير.(2)
____________
1 . للتوسع في الموضوع، راجع مفاهيم القرآن للشيخ جعفر السبحاني:3|321.
2 . تاريخ اليعقوبي:2|12، طبع النجف.
كما أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أحد المشاركين في حلف الفضول، الذي اعتبر ميثاقاً بين الجرهميين يهدف إلى الدفاع عن حقوق الضعفاء والمظلومين. وقد أسّسه جماعة اشتُقّت أسماوَهم جميعاً من لفظة «الفضل»، مثل: فضل بن فضالة، وفضل بن الحارث، وفضل بن وداعة. وقد نُقلت عبارات كثيرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أشاد فيها بالحِلف،واعتز بمشاركته فيه: «لقد شهدتُفي دار عبد اللّه بن جدعان حِلفاً لو دعيت به في الاِسلام لاَجبت».
كما أشاد به الاِمام الحسين (عليه السلام) أيضاً، فضرب به المثل في أخذ الحقّوردّه لصاحبه، مثلما طلب هو حقّه من «الوليد بن عتبة»أمير المدينة.