الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
والصلاة والسلام على الشاهد المبشر النذير
وبعـــــــــــــــد
جلس الحسن البصري ذات يوم يعظ الناس، فجعلوا يزدحمون عليه ليقربوا منه، فأقبل عليهم،
وقال: يا اخواتاه، تزدحمون عليّ لتقربوا مني؟ فكيف بكم غدا في القيامة
اذا قرّبت مجالس المتقين، وأبعدت مجالس الظالمين، وقيل للمخفين جوزوا، وللمثقلين حطوا؟
فيا ليت شعري: أمع المثقلين أحط، أم مع المخفين أجوز؟
ثم بكى حتى غشي عليه، وبكى من حوله،
فاقبل عليهم وناداهم، يا اخوتاه، ألا تبكون خوفا من النار؟
ألا من بكى خوفا من النار نجاه الله منها يوم يجرّ الخلائق بالسلاسل والأغلال.
يا اخوتاه، ألا تبكون شوقا الى الله. ألا وان من بكى شوقا الى الله، لم يحرم من النظر غدا الى الله اذا تجلى بالرحمة، واطّلع بالمغفرة، واشتدّ غضبه على العاصين.
يا اخوتاه، ألا تبكون من عطش يوم القيامة؟ يوم يحشر الخلائق وقد ذبلت شفاههم،
ولم يجدوا ماء الا حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم، فيشرب قوم، ويمنع آخرون.
ألا وانّ من بكى من خوف عطش ذلك اليوم سقاه الله من عيون الفردوس.
قال: ثم نادى الحسن رضي الله عنه: واذلاه اذا لم يرو عطشي يوم القيامة من حوض النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم بكى وجعل يقول: والله لقد مررت ذات يوم بامرأة من المتعبدات، وهي تقول: الهي، قد سئمت الحياة شوقا ورجاء فيك.
فقلت لها: يا هذه، أتراك على يقين من عملك؟ فقالت: حبي فيه وحرصي على لقائه بسطني. أتراه يعذبني وأنا أحبه؟.
فبينما أنا كذلك أخاطبها، اذ مرّ بي صبيّ صغير من بعض أهلي، فأخذته في ذراعي،
وضممته الى صدري، ثم قبلته.
فقالت لي: أتحب هذا الصبي؟
قلت: نعم.
قال: فبكت،
وقالت: لو يعلم الله الخلائق ما يستقبلون غدا، ما قرّت أعينهم، ولا التذّت قلوبهم بشيء من الدنيا أبدا.
اللهم ابكنا من خشيتك وارضى عنا واغفر لنا
أخي اختي: أين البكاء من خشية الله ، أين الدموع التي تمحوا الخطايا ،متى آخر دمعة سقطت من عينيكم خوفا من الله،فالبكاء دليل على خشيتكم لله ومراقبتكم له ، إسألو انفسكم هل تحبون الله ؟هل تخافون عقابه ؟إذا متى آخر دمعة سقطت من اعينيكم خوفا من الله؟.
تذكروا قول الله تعالى: ( وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)(البقرة: من الآية40) ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)(آل عمران: من الآية28) ألا تخافون الله ألا تحذرون عقابه، كيف بكم وأنتم بين يدي الله تعالى وقد شهد عليكم سمعكم وبصركم ، ألا تتقون الله، ألا تبكون خوفا من الله، وهو القائل سبحانه (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)(لأنفال:2)
أخي أختي : اعلموا أن البكاء من خشية الله دليل على حياة قلبكم ، واستقامة جوارحكم، وهو علامة على صحة الإيمان، وسبب من أعظم أسباب النجاة يوم القيامة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم)رواه الترمذي وصححه الألباني
وقال صلى الله عليه وسلم ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ـ وذكر منهم ـ ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه) أخرجه البخاري ومسلم
فأين أنتم؟! إن كنت تريدون ظل الرحمن يوم القيامة ،يوم لا تنفع الحسرة والندامة ، فمن خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة .
وها هو نبينا صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه على الخشية والخوف من الله عز وجل ليحذروا من الوقوع في معصيةالله جل وعلا
فقد قال صلى الله عليه وسلم : (......إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)أخرجه البخاري ومسلم
وعن أنس رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط ،فقال : ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا) فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم ، ولهم خنين . أخرجه البخاري ومسلم
فأين نحن من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد زكاهم الله تعالى فقال
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ)(الفتح: من الآية29)وهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، كان كثير البكاء من خشية الله تعالى ، وكان يقول: ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا ، وكان إذا قام إلى الصلاة كأنه عود من خشية الله عز وجل
ولما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه قيل له في الصلاة فقال : (امروا أبا بكر فليصلي بالناس) فقالت عائشة رضي الله عنها : إن أبا بكر رضي الله عنه رجل رقيق إذا قرأ القرآن غلبه البكاء، فقال : ( مروه فليصل)أخرجه البخاري ومسلم
وهذا عمر فاروق الأمة رضي الله عنه قرأ الطور إلى أن بلغ قوله : (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ)(الطور:7)) فبكى واشتد بكاوه حتى مرض وعادوه، وهذا هو حال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نعم التربية ونعم المربي نبينا صلى الله عليه وسلم، لقد كان أخوفهم لله وأتقاهم له وأخشاهم ، وهو القائل صلى الله عليه وسلم (كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن ، واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخ فينفخ) فكأن ذلك ثقل على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم : (قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) رواه الترمذي وصححه الألباني
وقال عليه الصلاة والسلام (إني أرى ما لا ترون ، أطت السماء وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله تعالى ، والله لو تعلمون ما أعلم ، لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ، ولخرجتم تجأرون إلى الله تعالى)رواه الترمذي وحسنه الألباني
وانظروا حال النبي صلى الله عليه وسلم عند سماع القران،عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
اقرأ علي القران) قال : فقلت : يارسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل ؟. قال : (إني أشتهي أن أسمعه من غيري)، فقرأت النساء حتى بلغت : (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً)(النساء:41) رفعت رأسي أو غمزني رجل إلى جنبي فرفعت رأسي فرأيت دموعه تسيل) أخرجه البخاري ومسلم
أخي أختي: أذكروا متى آخر دمعة سقطت من اعينيكم خوفا من الله تعالى، فهذا حال نبينا صلى الله عليه وسلم وصحابته فماذا نقول نحن! بم سنلقى الله عز وجل؟ وكلنا نعلم أنه لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه ، وعن علمه فيم فعل فيه ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه ،
أخي أختي: إنها الجنة ، إنها سلعة الله الغالية ، إنها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر، فبيعوا انفسكم في دنيا فانية لله تعالى، واشتري الباقية، فإنما نحن في متاع زائل وقرب انقطاعه .
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا علي عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صعنت أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
يــــــــا أخي ويا أختي ...الا تبكون شوقا الى الله ؟؟الا من بكى شوقا الى سيده لم يحرمه النظر اليه ....
يــــــــا أخي ويا أختي...الا تبكون خوفا من النار ؟؟الا انه من بكى خوفا من النار اعاذه الله منهـــا...
يـــــــا أخي ويا أختي ...الا تبكون راغبين بالتوبة؟؟الا من تاب بصدق قبلت توبته ومحيت ذنوبه...
يـــــــا أخي ويا أختي ... الا تبكون راغبين بالجنة ؟؟ الا انه من ســأل الله الجنة ثلاثة قالت الجنة اللهم ادخله جنتك