بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبة أجمعين
قيام الليل في السنة النبوية
أَيُّها الرَّاقِدُ كَم هَذا الكَرَى *** إِنَّ أَهلَ اللَّهِ جَدُّوا في السُّرى
طلَّقُوا الدُّنيا وَمَرُّوا زُمَرا *** أَفَتَرضَى أَنتَ أَن تَبقَى وَرا
فاستَعِن بِاللَّهِ وانهَض باهتِمام
حيًاكنّ الله أخواتي الكريمات .. قيام الليل جنة الدنيا وراحة الصالحين .. وقد ذكر فضل قيام الليل
ومكانته في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم فأحببنا أن نشارك في ذلك تحت حملة
حملة | واقتبس من ظلمة الأسحار نــورًا
عن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيها الناس:
أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» .
رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح) .
-----------
في هذا الحديث: بشارة لمن فعل ذلك بدخول الجنة ابتداء بغير حساب ولا عذاب.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة:
صلاة الليل» .رواه مسلم.
-----------
في صلاة الليل فوائد كثيرة، وخصائص في غيرها. منها: أنه وقت السكون،
والخشوع، والخضوع، مع ما فيه من البعد عن الرياء. ومنها: نزول الرب سبحانه
وتعالى إلى السماء الدينا. ومنها: تواطؤ القلب واللسان على القراءة كما قال تعالى:
{إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا} [المزمل (6) ]
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوم من
الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا، يا رسول الله، وقد غفر لك ما
تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدا شكورا» ! . متفق عليه.
وعن المغيرة بن شعبة نحوه متفق عليه.
-----------
هذا السؤال من عائشة عن حكمة التشمر والدأب في الطاعة، وهو مغفور
له، فبين - صلى الله عليه وسلم - أنه فعل ذلك شكرا لله عز وجل.
عن علي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طرقه
وفاطمة ليلا، فقال: «ألا تصليان؟» . متفق عليه.
-----------
«طرقه» : أتاه ليلا. وفي هذا الحديث: فضل صلاة الليل، لإيقاظه
- صلى الله عليه وسلم - لعلي وفاطمة من نومهما للصلاة، واختياره
لهما تلك الفضيلة على الدعة والسكون.
عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - عن أبيه:
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «نعم الرجل عبد الله، لو
كان يصلي من الليل» . قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من
الليل إلا قليلا.متفق عليه.
-----------
هذا الحديث: له قصة، وهي أن ابن عمر قال: إن رجالا من أصحاب
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يرون الرؤيا على عهد رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - فيقصونها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- فيقول فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله، وأنا غلام حديث
السن وبيتي المسجد قبل أن أنكح، فقلت في نفسي: لو كان فيك خير لرأيت مثل
ما يرى هؤلاء. فلما اضطجعت ليلة قلت: اللهم إن كنت تعلم في خيرا فأرني
رؤيا، فبينما أنا كذلك إذ جاءني ملكان في يد كل واحد منهما مقمعة من حديد
يقبلا بي إلى جهنم وأنا بينهما، أدعوا الله: اللهم أعوذ بك من جهنم، ثم أراني
لقيني ملك في يده مقمعة من حديد. فقال: لن تراع، نعم الرجل أنت لو تكثر
الصلاة، فانطلقوا بي حتى وقفوا بي على شفير جهنم، فإذا هي مطوية كطي
البئر، له قرون كقرن البئر، بين كل قرنين ملك بيده مقمعة من حديد، وأرى فيها
رجالا معلقين بالسلاسل رؤوسهم أسفلهم، عرفت فيها رجالا من قريش، فانصرفوا
بي عن ذات يمين، فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن عبد الله
رجل صالح» . فقال نافع: لم يزل بعد ذلك يكثر الصلاة. وفي رواية: قال
النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل»
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -: «يا عبد الله، لا تكن مثل فلان؛ كان يقوم الليل
فترك قيام الليل» .متفق عليه.
-----------
فيه: كراهة قطع ما يعتاده الإنسان من أعمال البر لغير عذر.
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم -
رجل نام ليلة حتى أصبح، قال: «ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه» -
أو قال: «في أذنه» -. متفق عليه.
-----------
في هذا الحديث: أن إهمال حق الله إنما ينشأ عن تمكن الشيطان من الإنسان،
حتى يحول بينه وبين الأعمال الصالحة. قيل: كان رجل يكذب بهذا الحديث
فنام حتى االفجر فقام والبول يسيل من أذنه.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم، إذا هو نام، ثلاث عقد، يضرب
على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ، فذكر الله تعالى انحلت
عقدة، فإن توضأ، انحلت عقدة، فإن صلى، انحلت عقده، فأصبح نشيطا طيب
النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان» .متفق عليه.
----------------
«قافية الرأس» : آخره. في هذا الحديث: الحث على قيام الليل، وعسف النفس
حتى تذل وتخرج من وثاق الشيطان.
والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم