اختلف شرَّاح الحديث في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ( وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ) على أقوال ، أشهرها :
أن معناه : أن الشاب كان تربَّى على الطاعة ونما عليها في صغره ، ولم يأت سن الشباب عليه إلا وهو على خير ، فشغل شبابه بالطاعة ، وأفناه فيها .
قال المباركفوي - رحمه الله - : ( نَشَأَ) أي : نما وتربى .( بعبادة الله ) أي : لا في معصية ، فجوزي بظل العرش ؛ لدوام حراسة نفسه عن مخالفة ربه ." تحفة الأحوذي ".
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - : ( شاب نشأ في عبادة ربه ) : ( نَشَأَ ) منذ الصغر وهو في العبادة ، فهذا صارت العبادة كأنها غريزة له ، فألفها وأحبَّها ، حتى إنه إذا انقطع يوماً من الأيام عن عبادة تأثر .
" شرح صحيح البخاري ".
ويدل على هذا التأويل : أثر سلمان رضي الله عنه موقوفاً عليه : ( ورجلٌ أفنى شبابه ونشاطه في عبادة الله ) وهو بمعنى حديث أبي هريرة . وقد رواه سعيد بن منصور في " سننه " ، كما قال ابن حجر ، وحسَّنه في " فتح الباري ".
وقيل أن معناه : من كانت حسناته وطاعاته في شبابه أكثر من سيئات وذنوب من نشأ على غير طاعة ثم عبَد ربَّه آخر عمره .
قال أبو الوليد الباجي - رحمه الله - : ( وشاب نشأ في عبادة الله تعالى ) يحتمل – والله أعلم – أن يريد به : أقل ذنوباًً وأكثر حسنات ممن نشأ في غير عبادة الله عز وجل ، ثم عبَده في آخر عمره وفي شيخوخته ." المنتقى شرح الموطأ ".